ربما تختلف أو تتفق مع "لاروشيفكي" إذ يقول بأن الجمال عند المرأة يعادل النبوغ عند الرجل، وهنا أذكر حادثة جرت مع الأديب الساخر برنادوشو ـ والذي كان دميم الشكل- حيث عرضت عليه إحدى الحسان الاقتران بها، محللة ذلك العرض بأنهما قد ينجبان طفلاً يرث منها الجمال ويرث منه" شو" الذكاء، فما كان من الأديب الظريف إلا أن ابتسم قائلاً
"أخشى يا سيدتي أن يرث الطفل مني الجمال ويأخذ عنك الذكاء"
والسؤال المطروح هنا أين يكمن جمال المرأة في شكلها أو مضمونها، وهل ينبغي علينا أن ننكر بهاء المنظر بحجة حلاوة الروح أسئلة نطرحها على بعض المختصين والمثقفين علنا نجد جواباً يشفي العليل.
جمال العقل والروح!
ترى الدكتورة فاديا أبوالفضل (أستاذة في علم الاجتماع بجامعة دمشق) أنه عندما يصحب جمال الصورة جمال الفعل والقول فإن معادلة الجمال تكون قد اكتملت. والمرأة في نظري تكون جميلة إذا اعتبرت نفسها إنسانا له فكر وليست جسدا فقط، أي أن تهتم بروح الإنسان الذي تمكث بداخلها، وبتنمية قدرات هذه الروح ثقافياً وفكرياً ووجدانياً ومعرفة نقاط الضعف في أخلاقها وعدم التعامل مع الناس بجفاء أو تعال أو غرور، وعليها أن تسارع لإصلاح هذه العيوب لكي تكون جميلة خلقاً وثقافة، وأخيراً جميلة جداً من ناحية الاهتمام بجمالها والعوامل التي تبرز هذا الجمال.. أي أن الجسد هو الإطار فقط، وما بداخل هذا الإطار هو الأهم.
الفضيلة جمال
وتضف أبو الفضل قائلة: نصيحتي إلى كل فتاة كي تكون جميلة في نظر نفسها ونظر الجميع أن تركز على الإنسان بداخلها، وتبحث عن مثالبها ومناقبها بشكل محايد، فتسعى للتمسك بتلابيب الفضيلة وتعمل لأن تترك الصفات السيئة والتي تنفر منها الناس، كما عليها الاهتمام بتنمية ثقافتها ومداركها وتهتم أخيراً بجمالها وما يبرز هذا الجمال، ويجب على كل فتاة أن تعلم أن النظر إلى الفتاة الجميلة لا يستغرق أكثر من دقائق قصيرة ولكن الصفات الإنسانية هي الدائمة.
جمال السلوك
أما الدكتور طارق كامل مصمم أزياء فيؤكد أن الجمال ليس جمال الوجه أو الجسد وإنما يكمن في حلاوة الروح والسلوك، كل هذا يدخل في أبواب الجمال، ويعتقد كثيرمن الناس أن الجمال هو جمال الوجه فقط، فالله سبحانه وتعالى جميل يحب الجمال، وهذا شيء طبيعي ومطلوب، وهناك بعض الشخصيات وخصوصاً في عالم النساء يتميزون بالعقل الراجح والفكر الذكي، وهذا يعتبر من جماليات الإنسان ولكن هذا لايمنع أن الجمال الجسمي مطلوب، ولكن ليس كل شيء في الحياة، لأن المسمى نفسه يعطي شيئاً من التفاؤل، وقد قمت بالعديد من المسابقات لاكتشاف الوجوه الجديدة في عالم الأزياء، ومن شروطي أن يكون لدى المتقدمة للمسابقة قوة الحضور وجمال الشكل بالإضافة لحلاوة المضمون الخلقي والسلوك الحسن.
ويرى الدكتور كامل أن المرأة الجميلة هي التي تتمتع بالجاذبية وحسن السلوك، ونصيحتي إلى كل فتاة وسيدة تبحث عن الجمال الاهتمام بالرياضة اليومية فعندما تشعر المرأة بجمالها وتناسق جسدها يبعد عنها مرض العصر وهو الاكتئاب.
إنها مسألة معقدة !
الدكتور صالح حمدان أخصائي في جراحة التجميل قال: قد لايختلف اثنان على ملامح الجمال في المناظر الطبيعية أو الأعمال الفنية، ولكنهما حتماً سيختلفان في الحكم على جمال المرأة لأن جمال المرأة أمر نسبي مركب ومعقد في عناصره لدرجة لاتنساب مع المحصلة النهائية وهي ذلك الشعور البسيط التلقائي بأن هذه المرأة أجمل أو أقل جمالاً من تلك، فالحكم على جمال المرأة لايعتمد فقط على صورتها كالحال في اللوحات الفنية، فالرؤية الحقيقية قد تعطي تأثيرا مغايرا للصورة، ومما يزيد الأمور تعقيداً الأخذ في الاعتبار بالبعد الحضاري عند تقويم الجمال، فالنظرة الفطرية قد يستحوذ عليها جمال الملامح والجسد بينما تضيف الخبرة الحضارية للإنسان عناصر أخرى مثل السلوك والشخصية والثقافة والتعليم والوضع الاجتماعي والرائحة والملابس والحلي، ولعل الموضوع يزداد تركيبا إذا أضفنا مراحل العمر المختلفة للمحكم والمحكوم عليه، وإذا علمنا أن نظرة النساء إلى جمال المرأة قد تختلف عن نظرة الرجل، بل يجب ألا نغفل أن الأجناس البشرية المختلفة تختلف في مظاهر الجمال وأن العصور الزمنية المختلفة لكل منها نظرة للحكم على المرأة بأنها جميلة.
جراحة الجمال!!
وفي مجال جراحة التجميل يكون الحكم على الجمال، حيث تلجأ المرأة إلى الجراح وقد حكمت على نفسها بأن شيئاً ما ينقصها، وتكون مهمة جراح التجميل أن يحلل شكواها والدافع من ورائها وجدوى الجراحة في تلك الشكوى، ومن هنا يجب على جراح التجميل ألا يقترح أي تعديل إلا بناء على طلب صاحبة الشأن، فمثلا قد تلجأ المرأة لجراح التجميل لعلاج ندبة صغيرة تقلقها في حين أن أنفها مقوس ويبدو للوهلة الأولى أنه يحتاج للتغير، ولكن كل اهتمامها ينصب على تلك الندبة البسيطة أما بالنسبة لشكل الجسم فقد يقلقها كبر حجم الأرداف مع أن كل عناصر الجسم تحتاج لتعديل، ومن هنا يتضح أن الجمال نسبي وأن كل فرد يحدد التغير الذي يحتاجه، وفي مجال جراحة التجميل معظم الاحتياجات يمكن تلخيصها بمطالب تتعلق بملامح الوجه مثل الأنف، الفم، خشونة البشرة، البقع الملونة، التجاعيد......إلخ.
تجاعيد ونصائح
والنصائح التي أوجهها لكل فتاة وسيدة للحفاظ على جمالها وتأخير ظهور التجاعيد هي:
ـ الامتناع عن التدخين والكحول كما أن قلة النوم تساعد على قدوم الشيخوخة باكراً ولابد من الابتعاد عن القلق والأرق، ضرورة الاهتمام بالرشاقة والرياضة، عدم الإفراط في الأكل، تجنب الضغوط النفسية ما أمكن وعدم إرهاق الجسد والفكر في العمل. بقي أن نقول لك عزيزتي الفتاة إن الجمال الظاهري هو رصيد قابل للإفلاس يوماً ما، فعليك أن لا تجعلي أناقة مظهرك شغلك الشاغل فتنسي بها الأخلاق والسلوك الفاضل، والحكمة الذهبية هنا تقول" أعطي سيدتي كل ذي حقٍ حقه!"