نقرأ كثیرا ونسمع عن قصص مؤسفة تتحدث عن العقوق الذي یسود العلاقات العائلیة
في بعض الأسر ، وتنتج عنھ تصرفات مشینة تثیر الغضب قضایا وصراعات عائلیة
تصل إلى المحاكم وتأخذ طابعا حادأ في الصراع بین أفراد بعض الأسر في قضایا الإرث
وتنتج عنھا قطیعة في الرحم التى أمر الله بھا أن توصل ، وانقطاع في التوصل ویتجاھل
الجمیع في سلوكھم مانصت علیھ تعالیم الشریعة السمحة من حث على صلة الرحم
واعتبارھا مطلبا شرعیا یفترض أن یؤدیھ كل مسلم.
وقد شدني موضوع نشر في إح دى الصحف - حسب ذمة الراوي- ورد في مقدمتھ صراع حاد
بین أخوین یناقش حاجة أحد ا لمواطنین واسمھ حیزان إلى المساعدة المادیة ولن أتح دث
عن ھذا الجانب ذلك أن موضوعي یختلف ، ما سأتحدث عنھ ھو بكاء حیزان ، وحیزان
رجل مسن بكى في المحكمة حتى ابتلت لحیتھ ، فما الذي أبكاه؟ ھل ھو عقوق أبنائھ أم
خسارتھ في قضیة أرض متنازع علیھا ، أم ھي زوجة رفعت علیھ قضیة خلع؟
في ا لواقع لیس ھذا ولا ذاك ، ما أبكى حیزان ھو خسارتھ قضیة غریبة من نوعھا ، فقد
خسر ا لقضیة أمام أخیة ، لرعایة أمة العجوز التي لا تملك سوى خاتم من نحاس ، فقد
كانت العجوز في رعایة إبنھا الأكبر حیزان ، الذي یعیش وحیدأ ، وعندما تقدم بھ السن
جاء أخوه من مدینة أخرى لیأخذ والدتھ لتعيش مع أسرتھ ، لكن حیزان رفض محتجا
بقدرتھ على رعایتھا ، وكان أن وصل بھما النزاع إلى المحكمة لیحكم القاضي بینھما ،
لكن ا لخلاف أحتدم وتكررت الجلسات وكلا الأخوین مصر على أحقیتھ برعایة والدتھ ،
وعندھا طلب ا لقاضي حضور العجوز لسؤالھا ، فأحضرھا الأخوان یتناوبان حملھا في
كرتون ، فقد كان وزنھا ٢٠ كیلو جرام فقط.
وبسؤالھا عمن تفضل ا لعیش معھ ، قالت وھي مدركة لما تقول: ھذا عیني مشیرة إلى
حیزان وھذا عیني الأخرى مشیرة إلى أخیھ ، وعندھ ا أضطر القاضي أن یحكم بما یراه
مناسبأ ، وھو أن تعیش مع أسرة الأخ الأصغر فھم الأقدر على رعایتھا ، وھذا ما أبكى
حیزان .. وما أغلى الدموع التي سكبھا حیزان ، دموع الحسرة على عدم قدرتھ على
رعایة والدتھ بعد أن أصبح شیخأ مسنأ ، وما أكبر حظ الأم لھذا التنافس. ما أبكى حیزان
ھو خسارتھ أمام أخیھ قضیة رعایة أمھ العجوز التي لا تملك سوى خاتم من نحاس.
لیتني أعلم كیف ربت ولدیھا للوصول لمرحلة التنافس فى المحاكم على رعایتھا ، ھو
درس نادر في البر في زمن شح فیة البر
منقول