زعموا أن أخوين كانا فيما مضى في ابل لهما ، فأجدبت بلادهما وكانا قريبا منهما واد فيه حية قد حمته من أكل أحد ، فقال أحدهما للآخر :"يا فلان ، لو أني أتيت هذا الوادي المكلئ ، فرعت فيه إبلي وأصلحتها" ، فقال أخوه :"إني أخاف عليك الحية ، ألا ترى أن أحدا لم يهبط ذاك الوادي إلا أهلكته؟"، قال:" فوالله لأهبطن".
فهبط ذلك الوادي ، فرعى إبله زمانا ، ثم إن الحية لدغته فقتلته ، فقال أخوه : " ما في الحياة بعد أخي خير ، ولأطلبن الحية فأقتلها ، او لأتبعن أخي!" .
فهبط ذلك الوادي ، فطلب الحية ليقتلها ، فقالت له :"ألست ترى أني قتلت أخاك ؟ فهل لك في الصلح فأدعك بهذا الوادي ، فتكون به ، وأعطيك ما بقيت دينارا في كل يوم ؟" ، قال :"أفاعلة أنت؟" ، قالت :"نعم" ، قال :"فإني فاعل " ، فحلف لها ، وأعطاها المواثيق لا يضيرها ، وجعلت تعطيه كل يوم دينارا ، فكثر ماله ونبتت إبله ، حتى كان من أحسن حالا .
ثم إنه ذكر أخاه ، فقال:"كيف العيش وأنا أنظر إلى قاتل أخي فلان؟" ، فعمد إلى فأس ، فأحدها ، ثم قعد لها ، فمرت به ، فتبعها ، فضربها فأخطأها ، ودخلت الحجر ، ووقع الفأس بالجبل فوق حجرها فأثر فيه ، فلما رأت ما فعل قطعت عنه الدينار الذي كانت تعطيه ، فلما رأى ذلك وتخوف شرها ندم ، فقال لها :"هل لك في أن نتوافق ونعود إلى ما كنا عليه؟" ، فقالت:"كيف أعاودك وهذا أثر فأسك ، وأنت فاجر ، لا تبالي العهد؟" ، فكان حديث الحية والفأس مثلا مشهورا من أمثال العرب .