حكمة النبي داوود
إن رجلين قد دخلا على داوود عليه السلام ، أحدهما صاحب غنم والآخر صاحب حرث ، فقال أحدهما "إن هذا دخلت غنمه بالليل إلى حرثي ، فأهلكته وأكلته ، ولم تبق لي شيئا" . فقال داوود عليه السلام " الغنم لصاحب الحرث عوضا عن حرثه " ، فلما خرجا من عنده مرا على سليمان عليه السلام ، وكان عمره إذ ذاك ما نقله أئمة التفسير إحدى عشر سنة ، فقال لهما :" ما حكم بينكما الملك ؟" فذكرا له ، فقال : "غير هذا أرفق بالفريقين" . فعادا إلى داوود عليه السلام ، وقالا له ما قال ولده سليمان عليه السلام ، فدعاه داوود عليه السلام وقال له :"ما هو الأرفق بالفريقين؟ " فقال سليمان "تسلم الغنم إلى صاحب الحرث –وكان الحرث كرما قد تدلت عناقيده في قول أكثر المفسرين – فيأخذ صاحب الكرم الأغنام يأكل لبنها ، وينتفع بدرها ونسلها ، ويسلم الكرم إلى صاحب الأغنام ليقوم به ، فإذا أعاد الكرم إلى هيئته وصورته التي كان عليها ليلة دخلت الغنم إليه ، سلم صاحب الكرم الغنم إلى صاحبها ، وتسلم الكرم كما كان بعناقيده وصورته " . فقال له داوود : " القضاء كما قلت ! " ، وحكم به كما قال سليمان عليه السلام .