زعموا أن علجوما عشش في أجمة كثيرة السمك ، فعاش بها ما عاش ، ثم هرم ، فلم يستطع صيدا ، فأصابه جوع وجهد شديد ‘ فجلس حزينا يلتمس الحيلة في أمر فمر به سرطان فرأى حالته وما هو عليه من الكآبة والحزن ، فدنا منه وقال :"ما لي أراك ، أيها الطائر ، هكذا حزينا كئيبا؟" ، قال العلجوم :"وكيف لا أحزن وقد كنت أعيش من صيد ما ههنا من السمك ، وإني قد رأيت اليوم صيادين قد مرا بهذا المكان ، فقال أحدهما لصاحبه أن ههنا سمكا كثيرا أفلا نصيده أولا أولا ، فقال الآخر :"إني قد رأيت في مكان كذا سمكا أكثر من هذا فنبدأ بذلك ، فإذا فرغنا منه جئنا إلى هذا فأفنياه ، وقد علمت أنهما اذا فرغا مما عليه ثم انتهيا إلى هذه الأجمة فاصطادا ما فيها ، فإذا كان ذلك فهو هلاكي ونفاد مدتي"
فانطلق السرطان من ساعته إلى جماعة السمك ، فأخبرهن بذلك ‘ فأقبلن إلى العلجوم ، فاستشرنه وقلن له :"إنا أتيناك لتشير علينا ، فإن ذا العقل لا يدع مشاورة عدوة" ، قال العلجوم :"أما مكابرة الصيادين فلا طاقة لي بها ، ولا أعلم حيلة إلا المصير إلى غدير قريب من ههنا فيه سمك ومياه عظيمة وقصب ، فإن استطعتن الانتقال إليه كان فيه صلاحكن وخصبكن" ، فقلن له:"ما يمن علينا بذلك غيرك" ، فعجل العلجوم يحمل كل يوم سمكتين حتى ينتهي بهما إلى بعض التلال فيأكلهما ، حتى اذا كان ذات يوم لأخذ السمكتين ، فجاء السرطان ، فقال له :"إني أيضا قد أشفقت من مكاني هذا واستوحشت منه ، فاذهب بي إلى ذلك الغدير"
فاحتمله وطار به ، حتى إذا دنا من التل الذي كان يأكل السمك فيه نظر السرطان فرأى عظام السمك مجموعة هناك ، فعلم أن العلجوم هو صاحبها ، وأنه يريد به مثل ذلك ، فقال في نفسه :" إذا لقي الرجل عدوه في المواطن التي يعلم أنه فيها هالك سواء قاتل أم لم يقاتل كان حقيقا أن يقاتل عن نفسه كرما وحفاظا"، ثم أهوى بكلبتيه على عنق العلجوم فعصره فمات ، وتخلص السرطان إلى جماعة السمك فأخبرهن بذلك .