كلاسيكو الحظ ذهب لاصحاب الارض

لا ادري هل ألوم الظروف أم الحظ أم الحكم ؟ فكلهم شاركوا في صنع نتيجة غير عادلة في مباراة مصيرية وفي وقت حساس ، لا املك إلا أن احمد الله على نعمة العقل ، فهل هذا معقول الخروج من الكلاسيكو بخسارة لم نستحقها البتة وذلك لسبب بسيط لقد كنا نستحق الفوز لأننا الأفضل في المباراة وسنبقى الأفضل دائما رغم هفواتنا وتذبذب مستوانا ، فالكبير يضل كبيرا رغم كل الظروف ، نحن أسياد الليغا التي يتغنى على أنغامها عشاق المستديرة في كل بقاع الأرض ، ولكن رب ضارة نافعة ومن يدري ما ستخبئه الظروف والأيام القادمة لعل القادم أفضل فعلينا الصبر ، عندما نتحدث عن الرياضة بمفهومها الحديث فإننا ندرك تماما حقيقة أن الفوز هو الذي يبقى ويذهب الأداء أدراج الرياح ، فمهما تقدم من أداء مميز وكبير داخل المستطيل الأخضر تبقى النتيجة هي الفيصل وذلك تمثل فيما قدمه أبناء القلعة البيضاء أمام الغريم التقليدي ، فكل المشاهدين لم يدركوا حقيقة القوة الكامنة التي يمتلكها أبناء مدريد ، حينها أدركت جازما أن مدريد الحديث فريق كبير لا يستهان به أبدا ، وما قدمه من مستويات متذبذبة هي فلسفة لا يفهمها إلا الرياضيين المحنكين فقط ، ففريق بحجم مدريد الحديث لا يمكن أن يقدم مستوى رائع ومقنع إلا مع الفرق الكبيرة ، أنا لا أفلسف الأمور حتى أجد لهزيمتنا عذرا ، ولكن الواقع فرض نفسه تماما في مباراة الكلاسيكو ، دخلنا المباراة ونملك كل مقومات النجاح ولم ينقصنا سوى الفوز ، لقد عاندتنا الظروف فقست علينا ونحن بأمس الحاجة إلى الفوز في هذا الوقت بالذات .

عزيزي المدريدي لا تقلق بتاتا فما قدمه الفريق في الكلاسيكو بشير خير ومستواه يطمأن بمستقبل كبير وتهديد لكل من شكك أو استهان بمستوى فريق بحجم ريال مدريد ، بصراحة كبيرة لقاء كان ينتظره المحبون من شرق الأرض حتى مغربها ويكون التحكيم بهذه الصورة السيئة ، شاهدنا الكلاسيكو وكانت توجد التحامات بسيطة وقانونية يمنح فيها اللاعبين إنذارات غير مستحقة والعكس غير صحيح ، من المضحك بمكان فوز الغريم على الريال فكل المؤشرات الأولية للمباراة في الشوط الأول كانت تعطي مدريد افضلية واضحة وكان باستطاعتنا تسجيل هدفين في الشوط الأول على أقل تقدير لو لا الحظ العاثر ، ففي الأولي كان اختراق كاكا لدفعاتهم وتمريره سحرية تبعها تسديدة كرستيانو رونالدو في المرمى التي لا تصد ولا ترد صدها حارس بحجم فالديز الذي يشهد له الكل بأنه مهزوز وغير مؤهل لحارسة المرمى ، يا له من زمن يخدم فيه أصحاب الحظ كما قال المثل (أعطني حظا وارمني في البحر ) ، وكذلك البينية التي انبرى لها فالديز مرة أخرى لينقذ مرماه من هدف محقق ، أين الدفاع الحديدي الذي يتكلم عنه أبناء الغريم ؟ ، اختراقات بالجملة لخط دفاعهم من الأطراف ومن العمق كذلك خلال عشرة دقائق دون هدف في المرمى.

ما أعجبني في الفريق الملكي هو القراءة الصحيحة للمباراة ومعرفة طريقة لعب الخصم ، وقد تمثل ذلك في شل خطة الغريم فأين تمريراته المتقنة كانت ؟ وأين تهديده الهجومي الخطير ذهب ؟ ولم يبقى حينها إلا عجز اللاعبين عن إدراك حقيقة المواجهة الشرسة للفريق المنافس ، ضاعت كل المهارات أمام جبروت الملك ، واستدل بكلامي أن هجوم الغريم غير أماكنه أكثر من مرة وكذلك وسط الغريم تبعثرت أوراقه كثيرا ، قطع إمدادات الوسط للهجوم لذلك قلة خطورة الاختراقات من وسط الميدان بالضغط على حامل الكرة (شافي الونزو ضد شافي هرنانديز ) والتمركز الجيد (لاسن ديارا) أولا ومن ثم سد ثغرات الأطراف بمساندة الجناح للظهير والتي أماتت دور الظهرين والجناحين (هنري وميسي ودانيل الفيش) لفريق الغريم ، أداء الفريق كان قمة في الروعة وأدهشني أنا شخصيا الإصرار الكبير الذي دخل بها اللاعبون المباراة، أعتقد أن سر الأداء الكبير في الكلاسيكو يكمن في عدة نقاط أولها الثقة التي أولتها الإدارة للمدرب بليجريني في وضع تشكيلة الفريق واختيار اللاعبين ووضع خطة تناسب الفريق وإمكانيته ، الابتعاد عن الأسلوب التقليدي بالتمسك بالدفاع كحل لكبح قوة الخصم الهجومية ، زرع سياسة الثقة بالنفس ودراسة المباراة دراسة مستفيضة من قبل المدرب ، انعدام الارتجال في الأداء والانضباط التكتيكي والانصياع لتعليمات المدرب ، فهو صاحب خبرة كبيرة في الدوري الأسباني ولقد أحرج الغريم عدة مرات عندما كان مدربا لفريق فياريال سابقا ، فالبرغم من أننا نعيش مرحلة انتقالية بحتة إذا صح التعبير إلا أننا قدمنا مستوى يليق بسمعة ومكانة الريال ، وبالفعل أحرجنا غريمنا في عقر داره وأوشكنا على توجيه صدمه عصبية له بل سببنا له انتكاسه مؤقتة تجلت في بعثرت أوراقه في أروقة الملعب ، وقطع الاتصال بين خطوط الثلاثة (الدفاع والوسط والهجوم) مما سبب حالة من الشتات والضياع ، وحتى مع التبديل الذي أجراه الغريم في دخول ابراهيمفيش للملعب لم يتمكن من عمل شي مميز سوى اقتناص الكرة التي أرسلها له دانيل الفيش فقط ، من المضحك جدا أن يقال أن الغريم قدم مباراة تتسم بالمتعة والأداء الراقي ، فكثيرا ما كان يراوغ بتبادل التمريرات القصيرة السريعة حول منطقة الوسط كحاله من العجز في صنع الهجمة .

وأخيرا من الواضح جدا أن الريال بدأ الآن يمتلك فلسفة جديدة في تعامله مع المباريات الكبيرة ، ونحن متأكدين جدا أن المرحلة المقبلة ستكون أفضل من المرحلة السابقة وهذا بفضل الأداء المتميز الذي ظهر به ريال مدريد في الكلاسيكو وإذا تعثرنا بالحظ في هذه المرحلة المهمة فأننا نتمنى من أن لا نتعثر مجددا في المرحلة القادمة لأنها حاسمة ونحن بأمس الحاجة للحسم في المباريات القادمة ، ولن ننظر للوراء أبدا بل سننظر للأمام دوما ، ويجب أن ندرك أن الخسارة ليست نهاية العالم بل يجب أن نحول الخسارة إلى ربح تلك هي المعادلة الصعبة التي يجب تحقيقها ، وشكرا لكم جميعا.